غزة: معلمات وطالبات يبدعن مشاريع في "الاستزراع السمكي" ضمن فعاليات مهرجان أيام العلوم 2018

الرئيسية في القطان الأخبار غزة: معلمات وطالبات يبدعن مشاريع في "الاستزراع السمكي" ضمن فعاليات مهرجان أيام العلوم 2018

 

في إطار مسار التكوّن المهني عبر العلوم في برنامج البحث والتطوير التربوي في غزة، تشارك كل من المعلّمة وفاء الرنتيسي مع مجموعةٍ من طالبات مدرسة "بنات الفخاري الإعدادية" في خان يونس، والمعلّمة نادرة السمك مع مجموعةٍ من طالبات مدرسة "بنات الرمال الإعدادية المشتركة ج" في غزة، في مشروعين حول الأسماك والثروة البحرية والصيد.

 

وقد اختارت المعلمتان والطالبات هذا الموضوع لأهمية الثروة السمكية كمورد غذائي طبيعي للمجتمع ولطبيعة البيئة الساحلية في قطاع غزة، حيث قرّرن أن يكون محور مساهمتهنّ في مهرجان أيام العلوم لهذا العام، الذي يحمل عنوان" ثورة الغذاء"، ويتناول أبعاد الأزمة التي يتوقعها الخبراء بحلول العام 2050، حيث سيزداد تعداد سكان العالم بنحو 2.5 مليار نسمة عن تعداده الحالي، ولن يكون الغذاء كافياً لسكان الأرض.

 

لاحظت المعلمة الرنتيسي والطالبات خلال بحثهنّ نفوراً من الطالبات وأهاليهن في الإقبال على تناول الأسماك وشرائها، وعملوا على استقصاء ذلك في المجتمع ليتبيّنوا بعض أسباب المشكلة المتمثّلة في ارتفاع أسعار الأسماك، والصيد الجائر لها، والاعتماد على المنتج الزراعي بشكل كبير. كما توصّلت الطالبات في خان يونس إلى مشكلة ابتعاد المناطق السكنية للناس عن منطقة الساحل، وقلة الوعي بأهمية هذا المصدر كغذاء لهم، ما دفع المعلمة والطالبات إلى التفكير في عمل حوض استزراع سمكي داخل المدرسة، كنموذج لتعليم طالبات المدرسة والأهالي عن أنّ حلول مشكلة الغذاء تنبثق بالدرجة الأولى من موارد المجتمع الطبيعيّة وحاجاته وتحدياته.

 

عملت المعلمتان والطالبات على زيارة أماكن عرض المنتجات السمكية مثل "حسبة السمك" في غزة، و"فيش فريش" في خان يونس، ومقابلة عدد من الصيادين للتعرف على حياتهم والصعوبات التي يواجهونها في عملهم، فأعدوا الأسئلة بناء على بحوثهن حول الصيد وأنواع الأسماك وظروف البيئة الساحلية، والأسماك التي تصلح للاستزراع، وما يتطلبه ذلك من تحضيرات وجهود وفترات زمنية، وطوّروا تقاريرهم البحثية حول ذلك، لمشاركتها مع الأهالي والمجتمع.

 

تعلّمت الطالبات الكثير عن الأسماك، حيث خططت المعلمة الرنتيسي مع طالباتها، بحيث تقوم كل طالبة بمتابعة نوعٍ محدّدٍ من الأسماك، وتبحث حوله من مجالات متعددة، وبوسائل مختلفة عبر المقابلات، والاستبانات، والمراكز المجتمعية ذات الصلة، وتشاركت الطالبات ما جمَعنه حول تلك الأسماك ومواسمها وفوائدها ورحلتها من البحر إلى طاولات طعامهنّ.

 

كما تعلّمت الطالبات عبر ورش عمل مع مختصين كالمهندس نزار الوحيدي من وزارة الزراعة عن التصميم الهندسي لمزارع السمك، والمساحات ومضخات المياه، وتجديد الأوكسجين، وعمليات التبويض ومتابعتها، وتجهيزات حوض الاستزراع والمضخات، وناقشت الطالبات البدائل لانقطاع التيار الكهربائي عن حوض السمك، وأكثر الأنواع ملاءمة لزراعتها، وتوصلن إلى أن أفضل أنواع السمك لتجريب تربيته في المدرسة هي أسماك البلطي، ثم بدأت المعلمة والطالبات عملية بحث مشتركة بين كل طالبة وأبيها لمدة أسبوع، لمتابعة سعر البلطي يوميا في السوق، إضافةً إلى مواصفاته، ومدى إقبال الناس عليه وفترة نموه، ثم فكّرت الطالبات باستجلاب أسماك بلطي ووضعها في حوض بالمدرسة ومراقبتها يوميا وتغذيتها بطريقة طبيعية وتدوين ملاحظات حول الشكل والحجم وظهور الفطريات وقياس درجة حرارة الماء، كما اقترحت أخريات تجريب وضع روث البط في الحوض، وملاحظة إمكانية ظهور ديدان، لعلها تساهم في تغذية السمك! وحين سألتهن المعلمة: "ماذا لو ماتت الأسماك؟" أجابت الطالبات: "حتى لو ماتت الأسماك نكون اكتسبنا خبرة ملموسة ونفهم الموضوع أكثر".

 

تعمل الطالبات في خان يونس حالياً على متابعة تطوير مشروعهنّ حول الاستزراع السمكي، الذي يخططن لأن يكون مشروعاً مستداماً.

 

 

أما المعلمة السمك، فقد عملت مع طالبات مشروع "هيلا يا ريّس" على انخراط الطالبات خلال أشهر الصيف في عملية بحثيّة مع عائلاتهن ومعارفهنّ حول الصيد والأسماك وحياة الصيادين. تبحث الطالبات في إمكانيات مساعدة الصيادين لتوفير الغذاء البحري للمجتمع لمواجهة التحدّي العالمي القادم، ومما تبحث في بنائه طالبات المشروع، تجريب صنع صنارة إلكترونية، وتوظيف الأراضي الممتدة على سواحل البحر في الزراعة والمرتبطة أيضاً بالبحر وبالتربة الرملية، ومقترحات للاستفادة من الطحالب البحرية في الغذاء. قامت الطالبات بمحاورة البائعين والعاملين في مجال السمك والصيد، والتقاط الصور، وتسجيل مقاطع الفيديو، وتعمل الطالبات مع المعلمة حالياً على نقل الخبرة التي تشكلت لديهن خلال المرحلة السابقة إلى طالبات المدرسة بهدف نشر الوعي حول هذه القضية التي تواجه المجتمع في غزة.

 

وعن المشاريع، قالت علا بدوي مديرة مكتب غزة التي تتابع تطوير المشاريع: "نجرّب هذا العام تطوير فعاليات مهرجان العلوم عبر انخراط المعلمين مع مجموعات من الطلبة ضمن مشاريع مدرسية، كل مشروع منها يمثّل رحلة معرفية بحثيّة إنتاجية للمشاركين فيه، بحيث نعمل على تمكين المعلمين من بنائها وتطويرها بالشراكة مع طلابهم، بغية المشاركة في المهرجان، والأهم المشاركة المجتمعية وتعزيز الوعي المجتمعي بمشكلة الغذاء وثوراته من جهة، وتقديم حلول وبدائل للتعامل مع التحديات التي تواجه المجتمع من جهة أخرى، بحيث يطوّر المعلمون نماذجهم التعليمية التي تخرج عن النمطي".

 

وتحدثّت الطالبة آلاء ماضي عن أسباب مشاركتها في المشروع: "في العام 2050 نتعرض لمجاعة، فبحثنا على حلول، وجدنا الثروة السمكية، وبخاصة أن السمك غير مكلف، وبأنه بإمكاننا أن نقوم بعمل استزراع سمكي، من خلال بركة أسماك صغيرة (نموذج مصغر)، شعرنا من خلال عمليات البحث التي قمنا بها أننا باحثات، ونقوم بزيارات علمية لأماكن خارج المدرسة، ونكتب تقارير، أصبحنا ندوّن ملاحظاتنا، شعرنا أننا فريق ولدينا مهمة وهدف علينا تحقيقه، نكتب بسعادة ونستخرج أنشطة نرغب بعملها، نعمل أنشطة متنوعة في المدرسة، ونفكر كمصممين، نصنع فطائر من أسماك السردين الرخيصة تكفي لأسرة كبيرة وفقيرة".

 

وأضافت الطالبة دعاء المصري: "...أصبحنا من خلال مشروعنا الجميل نفكر ونخرج في زيارات علمية، نقرأ، نبحث، ندوّن، نفهم، وأنه من الممكن أن نصبح عالمات، وشعرنا بجهود العلماء في كيفية البحث، ونشعر بالسعادة أنه بإمكاننا مساعدة العائلات الفقيرة، فقد قابلنا صيادين وتحدثوا عن الأشياء الخطرة التي يتعرضون لها أثناء عملية الصيد، وأن الاحتلال قلل من المساحة المسموح بها للصيد إلى 9 أميال، لا نستطيع أن نصل أبعد من ذلك، في حين أن كل أنواع الأسماك تتوفر بكثرة بعد هذه المسافة، ففكرنا بإمكانية استزراع الأسماك التي لا نستطيع الوصول اليها، واستزراع اسماك بأنواع جديدة، تعرفنا من خلال طبيبة بيطرية على ماهية الأمراض التي تصيب الأسماك، وكيف يمكننا معرفة ذلك".

 

أما المعلمة الرنتيسي، فتتحدّث عن مشروعها: "أنا سعيدة جداً، هذه أول مرة أعمل فيها بهذا الأسلوب بعيداً عن الأسلوب النمطي التقليدي، الذي تعودنا عليه، انطلقت، وأصبح لدي حبّ وشغف للمشروع وحماسة لا توصف، حتى الطالبات، صار الاهتمام بالمشروع أولويتهنّ، والمعلمات في المدرسة يتساءلن فيما نبحث، وما هو الموضوع، أحببت أيضاً كيف أشتغل في المشروع وأنطلق من الخيال إلى الواقع".

 

وأكّدت المعلمة السمك: "السمك هبة الله لأهلنا في قطاع غزة، ويجب أن يتوفر بشكل دائم على كل سفرة طعام، إلّا أنه غير متواجد دائماً، وهناك بعض الناس لا يستطيعون تناوله إلا في فترات متباعدة، أردنا توعية الناس والمجتمع بالثروة السمكية، معرفة لماذا أهل غزة محرومون من الاستفادة من هذه الثروة، وما هي المعيقات التي نواجهها، والتفكير في الحلول والطرق التي قد تساعدنا وتساعد الصيادين على الصيد بكميات جيدة".

 

كما تشرح الطالبة تسنيم السنداوي "في قطاع غزة نعاني من ضعف في الغذاء، وعلينا أن نستغل الثروة السمكية، فنحن منطقة ساحلية، حتى لو لم نكن في منطقة ساحلية، من الممكن انشاء مزارع سمكية، ونقوم بعمل معالجة للأسماك، هدفنا توفير الأسماك بأسعار تكون في متناول الناس ذوي الدخل المحدود".

 

وتصف الطالبة دنيا حمودة مشاركتها: "كتير جميل مشاركتي بهذا المشروع، أثناء زيارتي للحسبة تعرفنا على أشياء وحقائق لم نكن نعلمها؛ مثل: كل شخص في قطاع غزة مفترض أن يستهلك كمية معينة من السمك جسمه يحتاجه، وبسبب ممارسات الاحتلال وتضييق المساحة المسموح بها للصيد، هناك بعض الأسماك منقرضة، بسبب ممارسات صيد خاطئة يقوم بها الصيادون نتيجة شح كمية الأسماك، مثل الصيد الجائر".