انطلاقاً من الفكرة التي يدعو لها علم النفس التحرري؛ أن العمل الجمعي ضمن فريق ناشط اجتماعياً، ولديه الوعي التربوي والسياسي، سيؤدي إلى حراك فاعل نحو تغيير واقع التعليم؛ كانت فكرة التوجه المباشر للعمل مع مربيات الطفولة المبكرة (مرحلة ما قبل المدرسة) في مجتمعاتهن، بهدف مساندتهن في تفعيل دورهن في ظل الظروف الصعبة التي يمررن بها، كمربيات يسعين نحو تطوير الذات وتحقيق المسؤولية المجتمعية، وإيماناً مشتركاً بأن عملهن له دور ومعنى إنساني واجتماعي، وأنهن يملكن القدرة على التغيير والتأثير في واقع التعليم وتحدياته.
وامتداداً لفكرة العمل مع المعلمين في مواقعهم، التي أطلقنا عليها مسمى "المواقع" اختصاراً، انطلقنا نحو اختيار تشكيل مجموعتين من المربيات في كل من مخيم عسكر-نابلس، ومخيم عايدة –بيت لحم، وعبر شراكة مع مؤسسات المجتمع المحلي (مركز نسوي عسكر ومركز شباب عايدة) لما تفتحه هذه التجربة من آفاق جديدة، ببناء مجموعات مجتمعية فاعلة، تتعاون معاً في التخطيط والتفكير للتغيير من المشهد التعليمي القائم، وبالتركيز على كونه تغييراً يتماشى وينبع من احتياجات كل من المربيات والأطفال والأهل معاً، وواقعهم.
هذا، وقامت مربيات الأطفال في مخيم عسكر -على سبيل المثال- بتطبيق هذه الاستراتيجيات مع الأطفال في الروضة، كما بادرن في الوقت ذاته إلى نقل هذه الخبرات إلى وروضات ومدارس أخرى مجاورة للمخيم، من خلال التعاون مع مركز نسوي عسكر، الذي ساهم بخبراته في مجال التشبيك مع الأهالي، لتمكين الأمهات والمربيات من التواصل مع أطفالهن بطرق تراعي الحماية والمشاركة، وبما يراعي الظروف الصعبة التي يعيشها أطفالنا نتيجة العدوان الإسرائيلي المستمر على المخيم.
يتيح المشروع لمربيات الطفولة المبكرة، فرصة الانفتاح على استراتيجيات وخبرات تعليم تقوم على تكامل في الأدوار بين الروضة والبيت، وتدمج بين التعليم الوجاهي والإلكتروني، ويكون فيها الأطفال مشاركين في عملية تعلمهم.
تقول المختصة التربوية في مجال الطفولة المبكرة؛ فيفيان طنوس: "لهذا التوجه غايتان، الأولى تتعلق بالمربيات أنفسهن، ورغبتهن في تعزيز معارفهن، واحتياجهن للعمل معاً، في سبيل إحراز تغيير حقيقي، يحقق طموحاتهن ويمكن ملاحظته ورؤية أثره في كل من ذواتهن وفي تطور الأطفال، بما يتجاوز حدود الروضة، ويساهم في خلق حراك مجتمعي حول تغيير أدوات التعليم الحالي وممارساته. أما الغاية الثانية، فهي الوصول إلى مناطق ومواقع لم يتم العمل معها سابقاً، ولم يحالفنا الحظ بالتعرف عليها، وأبرزت الحاجة الآنية مع صعوبة الحركة والتنقل أهميتها، من خلال التوجه إليها والعمل مع المربيات فيها كوحدة مجتمعية قائمة، قادرة من خلال شراكاتها مع المراكز المجتمعية، على التشارك في حمل الهم التعليمي كمسؤولية مجتمعية، وتشجع انخراط الأهالي في هذا الدور، بما يعزز من ثقافة المبادرة في التعليم والتطوير الذاتي المستمر، والبناء التراكمي على التجارب المكتسبة معا".
هذا، وتسعى مؤسسة عبد المحسن القطَّان إلى بناء قنوات تواصل فاعلة بين المجموعات في كل موقع عبر لقاءات تجمع الفاعلين فيها؛ سواء في مقر المؤسسة أو المراكز المجتمعية، لتعزيز المسؤولية المشتركة في تعليم أبنائنا.